تاريخ الكهرباء في الكويت

ربما اعتادت بلادنا الكويت على وجود الكهرباء في كل أرجائها صارفين النظر عن أهمية الحفاظ على هكذا مورد كهربائي مهم.، فبينما كان يُعيش بعض من أهل الكويت القدامى على ضوء بواسطة الزيوت الطبيعية لإنارة المصابيح، يظل البعض الآخر في ظلام دامس، إلى أن حضرت الكهرباء بصورة رسميّة في البلاد.
سنضع بين يديك الآن تاريخ الكهرباء في الكويت والمراحل التي مرت بها دولتنا الحبيبة بدءاً من توفير الكهرباء في بعض المناطق إلى توفيرها في جميع أرجاء البلاد.

 

بداية الكهرباء في الكويت

مرحلة استخدام الزيوت الطبيعية والكيروسين للإنارة

 

استدعى وجود الكهرباء في الكويت قديماً قبل توصيلها في البلاد، إلى استعانة شعب الكويت القدامى بالزيوت الطبيعية في الانارة بما يتضمنها جوز الهند والسمسم، فلقد حلت هذه الزيوت الطبيعية محل النفط الذي لم يكتشف بعد حتى بعد حضور الكهرباء عام 1906.
تلتها بعد ذلك المرحلة التي استخدم فيها الناس مصابيح الكيروسين التي تم احضارها من الهند بكميات ضئيلة مما لم يمنح الفرصة للعديد من الناس في ذلك الوقت من التمتع به، وفضلت الاحتفاظ على المصدر الأول للكهرباء وهو الاستنارة بالزيوت الطبيعية. ولما زاد الطلب على استخدام الكيروسين في إنارة المصابيح، فُوِّض الحاج على بن الشيخ أحمد العمر بمهمة استيرادها من الهند، فبعدها أصبحت متاحة لعدد غفير من الشعب الكويتي.
كانت هذه الملامح العامة التي كانت عليها الحياة في الكويت بدون كهرباء، وإنّما وجود بدائل طبيعية للاستنارة أو كيميائية مثل مادة الكيروسين. لم يكن الهدف الرئيسي من وجود وسائل الإنارة قديماً هو استخدامها في شتى المهام الحياتية اليوميّة وإنما حُصِرت مهمتها في توفير الإنارة للبيوت.

 

من حدث زواج ضخم إلى حدث دخول أول ماكينة كهرباء في الكويت

 

كان لمحفل الشيخ حمد المبارك وحدث زواجه الكبير عظيم أثرٍ في تغيير حياة الشعب الكويتي أجمع، فلقد أُدخلت لأول مرة ماكينة كهرباء في بلادنا الكويت في عهده وبمناسبة زواجه المبارك اشترى الشيخ مبارك الصباح مولد كهربائي صغير الحجم، كانت مهمته الأساسية إنارة قصر السيف تحت إدارة وإشراف من هندي ضليع بمهمة مراقبته وإدراته متعاوناً مع شاب هندي يدعي الحاج عباس، ولربما كان ذلك الهندي فني كهربائي في الكويت في ذلك الوقت K وانتهى عهد الشيخ مبارك الصباح بتشكيل هذا الحدث الضخم الكبير تاريخ الكهرباء في الكويت.

 

أفتتح التجّار الكويتيين أول شركة لتأمين التيار الكهربائي

 

وتلاه بعد ذلك عهد الشيخ سالم الصباح الذي سّلم الماكينة المُولّدة للتيار الكهربائي إلى أحد التجّار الكويتيين بألف روبية، وللاستفادة من هذا المُولّد الكهربائي واتاحة الفرصة لأغلبية الشعب الكويتي بالتمتّع بالكهرباء عن طريق المولد الكهربائي، عمد التاجر في عام 1933 بجمع عدد من التجّار الكويتيين لتشكيل أول شركة أهلية لتأمين التيار الكهربائي.
كانت شركة تأمين الكهرباء الأهلية ذات طبيعة تجارية انطوت تحتها محطة صغيرة لتوليد التيار الكهربائي في عام 1934م، إذ تكوّنت هذه المحطة الصغيرة بمولدين نوع ديزل، ينتج كل منهما تياراً مستمراً و طاقة تعادل 30كيلوواط وضغط كهربائي 400فولت.

لقد اسْتَبْقت الكويت على نظام الكيروسين الذي يُستخدم لعمل الثلاجات التي كانت في أيدي عدد قليل من المواطنين حين ظهورها في الكويت عام 1934م على يد الحاج محمد حسين معرفي، وبينما استخدمت طاقة المحطة الكهربائية الأهلية للإنارة وحسب، إذ يتناوب المولدان في العمل ليلاً و نهاراً لتوفير الكهرباء لمناطق معينة في الكويت.
ولما كان موقع محطة الكهرباء الأولى في الكويت آنذاك موقعاً مثالياً، إذ تقع على ساحل البحر في منطقة الشرق، كانت أولى مهامه هو توفير تيار كهربائي في الكويت لاسيّما لبعض الدكاكين والبيوت .

 

في عام 1934م توالت بعده بعض الأحداث المهمة على النحو التالي :

 

توسّعت دائرة المشتركين في الكهرباء من 60 مشتركاً إلى 400 مشترك في أعوام قليلة .
أفتتحت شركة الكهرباء مكتب لها في سوق التجّار وأصبح يحوي العديد من الموظفين المسؤولين بإدارة تحصيل فواتير سداد التيار الكهربائي، إذ بلغ سعر وحدة التيار الكهربائي آنذاك 6 انات.
سُمح لقلّة من الشعب الكويتي استخدام المراوح الكهربائية في البيوت، بينما رُكّبَ مكيف هواء صغير في احدى غرف قصر المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح.

 

وسائل نحو الترشيد من استهلاك الكهرباء

 

ربما يتعين علينا الإشارة هنا إلى أنّ حدث وصول الكهرباء في الكويت تبعته بعض من المهام الإدارية التي أصبحت مسؤولية المرحوم عبدالله الملا صالح. فلأن المحطة كانت تحتوي على مولدين وحسب، فقد كان من الملاحظ أنّ هذان المولدان لا يكفيان لإمداد كافة الكويت بالكهرباء.
لهذا عزم المرحوم عبدالله الملا صالح، بالذهاب لكل محلات وأسواق الكويت بالإضافة إلى الأحياء السكنية يعينه في ذلك بعض من أعوانه، يقدمون النصح ويحذرون بضرورة الاقتصاد في استخدام الكهرباء، لما له من بالغ الضرر على المولدين، إذ سيزيد الضغط عليهما.
لقد كان المرحوم عبدالله الملا صالح مسؤولاً رسمياً هو ومساعديه على مراقبة الكهرباء والتأكد من عدم توصيل الكهرباء بصورة غير قانونية لغير البيوت المشتركة.
أخذت بلدية الكويت على عاتقها مهمة توفير الإنارة لبعض الأسواق والشوارع الكويتية آنذاك، إذ تمكّنت البلدية مع شركة الكهرباء من توفير خمسين مصباحاً من فئة 30 شمعة لإنارة الشوارع ليلاً، حيث يقدم للشركة روبيتين ونصف شهرياً عن كل مصباح.

 

افتتاح محطة جديدة وتغيير النظام التيار من مستمر إلى متناوب

 

ومع مرور السنوات، إزادات حوجة عدد كبير من السكّان للتيار الكهربائي، إذ وصل عدد المشتركين في عام 1940م ما يقارب 700مشتركاً، وصلت فيها الشركة إلى قرار الاستغناء عن التيار المستمر واستعاضته بالتيار المتناوب ثلاثي الأطوار، ذو ضغط 380/220 وتردد 50هرتز. تلاها بعد ذلك حدث افتتاح الشركة لمحطة أخرى جديدة في منطقة المرقاب، حوت تلك المحطة على مولدين بقدرة 200كيلوواط لكل منهما، واستقر عمل المحطة في عام 1940م بإضافة مولد ثالث بنفس القدرة المولدين الأوليين.

 

 

تأسيس الحكومة لإدارة الكهرباء العامة وإنشاء أول محطة كهربائية بخارية

 

 

توسّعت نشاطات الأفراد في الكويت، مما يعني إزدياد الحوجة إلى الكهرباء لتغطية كافة تلك النشاطات، وأصبح من المستحيل الاستعانة بالمحطات الموجودة آنذاك لإشباع حاجات الشعب الكويتي، ولهذا السبب قررت حكومة دولة الكويت إلى استلام مهمة الكهرباء، فاشترت أسهم شركة الكهرباء الأهلية، وأسست كيان للكهرباء سُميّ بإدارة الكهرباء العامة التي أصبحت مسؤولة عن توزيع الطاقة الكهربائية لكل البلاد، وذلك بإنشاء أول محطة كهربائية بخارية عام 1952م في منطقة الشيوخ بالقرب من ساحل البحر.
حوت المحطة البخارية على مولدين ذوي قدرة 7.5ميغاواط وبقدرة مركبة بلغت 15ميغاواط، بدأت المحطة بإنتاج الكهرباء في عام 1954م.
وبحضور المحطة البخارية الجديدة لتوليد الكهرباء، ارتسم لدولة الكويت مستقبل مشرق، وتوالت بعده انجازات إدارة الكهرباء، فلقد اضيف توربينات غازية قدرتها 163.2ميغاواط وبعدها توقفت المحطة في عام 1990م عن العمل نظراً لتدميرها.

 

نالت دولتنا الكويت استقلالها، والكهرباء تخطو مراحل مهمة في تاريخ الكويت، إذ تأسست وزارة الكهرباء عقب الاستقلال وبدأت بتوفير قدرة مركبة لمحطة الشيوخ لمقابلة احتياجات الدولة من الكهرباء بإنشاء سبع محطات، خمس منها تعمل، والأخرتين متوقفتان عن العمل، إذ كانت السبعة محطات على النحو التالي :

 

الشعبية الشمالية في عام 1965م
الشعبية الجنوبية عام 1970م
الدوحة الشرقية عام 1977م
الدوحة الغربية عام 1993م
الزور الجنوبية عام 1977م
محطة الصبية عام 1998م

 

كان تاريخ الكهرباء في الكويت حافلاً بالعديد من الإنجازات والنجاحات التي قدّمها وساهم فيها عدد كبير من أفراد الشعب مع حكومته، فلولا تلك الأحداث لما كنّا نستمتع اليوم بهذه الكهرباء المتوفرة خلال 24ساعة، فعلينا المحافظة على هذه النعمة العظيمة، وترشيد استهلاك الكهرباء، مع مراقبة نظام الكهرباء في منازلنا بواسطة فني كهربائي للتعرف على أي عطل إن وجد وإصلاحه فوراً.

 

إنتشار إنارة الشوراع في الكويت في الستينات

أضف تعليق