انتصار الشراح درّة فنّية كويتية

الفنانة الكويتية “انتصار الشراح ” كتلة من بهجة الطفولة المكتنزة خلف سنوات من النضج الفنيّ والأداء الكوميدي الراقي الذي استطاع أن يعبر حدود الكويت ليصنع جمهوره الخاص في كل قطر عربي شرقاً و غرباً، شمالاً و جنوباً.

 

 

الفنانة الكويتية انتصار الشراح

انتصار الشراح تلميذة في مدرسة العمالقة, ووارثة الروّاد الكبار ليس فقط في مجال الحرفة الفنية وإنما أيضاً في مضمون رسالة الفنّ ودوره, و أخلاق المنتسب إليه, و مهمته في تشكيل وعي الجمهور, وتهذيب خلقه, و الترويح عن نفسه بأعمال راقيه تبتعد عن الإسفاف و الابتذال فتستقبلها كل أسرة بترحاب فاتحة لها أبواب القلوب قبل البيوت .

ورغم شهرة الفنانة انتصار الشراح كواحدة من أفضل الفنانات المضحكات إلا أنها لم تترك من بحور التمثيل بحراً إلا وخاضته؛ فجاءت أعمالها متنوعة بتنوع ضروب هذا الفنّ، عميقة بعمق بحوره، صاخبة بصخب ما خلفته وراءها من نقاشات وتعليقات بين الجمهور و النقاد .

 

الميلاد و البدايات

 

الفنانة الكويتية انتصار الشراح في البدايات

 

وُلدت انتصار علي ابراهيم الشراح في الخامس من شهر نوفمبر عام 1961 م, ولم تُسجل سيرتها الذاتية بدايات فنية معروفة قبل 1980 م حين ظهرت في  عملها التلفزيوني الأول مسلسل ’’خرج و لم يعد ” مع حياة الفهد وسعاد عبد الله أثناء دراستها بالمعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت, ثم كانت انطلاقتها الكبرى في مسرحية ’’باي باي لندن‘‘ عام 1981 م مع الراحلة مريم الغضبان و بطولة الفنان عبد الحسين عبد الرضا، والراحل الفنان غانم الصالح، و محمد جابر، و داوود حسين.

ومن ذلك التاريخ و الفنانة انتصار الشراح تصول وتجول في دروب الفن داخل و خارج الكويت سواءً على خشبة المسرح أو أمام كاميرات التلفزيون في مسلسلات و برامج كوميدية .

علاقة خاصة مع المسرح

 

تُكِنُّ الفنانة انتصار الشراح مشاعر خاصة تجاه المسرح الذي شهد مولدها الفني فأخلصت له على مدى سنوات طوال قولاً وعملاً فلا يخلو حديث أو حوار صحفي لها من ذكر المسرح كعنصرٍ هامٍ من عناصر تكوينها الفنيِّ و كرافد أساسيّ من روافد الثقافة العربية .

فعن علاقتها الخاصة بالمسرح تقول “الشراح” ’’بيني وبين المسرح علاقة خاصة، فمن خلاله أحبني الناس, أعشق الوقوف على خشبة المسرح‘‘ ورغم تنوع أعمالها الفنية ما بين خشبة المسرح وكاميرا التلفزيون إلا أنها تصرح أن الحبَّ الأول و الأخير هو للمسرح فتقول في حوار صحفي معها ’’ وما زلت أقول ان المسرح هو عشقي وحبي الأول والاخير‘‘ وربَّما يرجع حبُّ انتصار الشراح للمسرح إلى ما تعده تأثيراً على حياتها حيث وصفته أنه “مدرسة” غرست فيها “القوة” و “الثقة في النفس” .

ومع تجربتها العريضة في العمل المسرحيِّ و معايشتها لكثير من الأحداث و الشخصيات ترى انتصار الشراح أن المسرح الكويتيَّ لا يمر بأفضل أيامه و أنه يعاني حالةً من الاحتضار نتيجة لتغول الفنون الأخرى التي أصبحت أكثر موائمة للعصر و متطلباته .

منذ ظهورها الأول في مسرحية “باي باي” شاركت الشراح العديد من الفنانين العرب من خارج دولة الكويت الكثير من الأعمال كالفنان المصري حسن حسني و الفنانة السعودية سناء يونس كما تعد الفنانة انتصار الشراح من المُشارِكات بقوة فيما عرف بمسرح الرُّعب و هو مجموعة الأعمال المسرحية التي تستغل “تيمة” الرعب في تمرير الإسقاطات السياسية الساخرة من الواقع المحلي و الإقليمي .

شاركت الفنانة الكويتية في العديد من المسرحيات منها “سندريلا” بطولة هدى حسين، حسين المنصور، أسمهان توفيق و “الإنسان الآلي” مع مريم الغضبان، ماجد سلطان، حسين المنصور، و”الدكتور صنهات” بطولة غانم الصالح، أحمد جوهر، عبد الرحمن العقل، عبير الجندي, و”البمبرة” مع عبد الله الحبيل، محمد جابر، عبد الرحمن العقل، ومسرحية “لولو الصغيرة” بطولة داوود حسين، أحمد جوهر.

وكذلك مسرحية “أرض وقرض” بطولة حياة الفهد، خليل إسماعيل، عائشة إبراهيم، عبد العزيز النمش، داوود حسين، و  مسرحية “الكرة مدورة” مع خليل إسماعيل، عبد الرحمن العقل، محمد العجيمي، عبد الناصر درويش والعشرات من العروض المسرحية الأخرى .

للشاشة الصغيرة وجوه متعددة

 

شاشة التلفزيون لم تكن شاشة واحد في حياة انتصار الشراح الفنية إذ أنها ظهرت عليها بأشكال مختلفة وتنويعات متعددة بدءًا من الأعمال الاستعراضية الكوميدية مرورا بالفوازير ونهاية بالأعمال الدرامية .

في مجال البرامج الكوميدية قدمت انتصار الشراح و الفنان داود حسين واحداً من أنجح الثنائيات الفنية في العالم العربي ، حيث قدما برامج كوميدية كثيرة لاقت نجاحًا باهرًا مثل “خذ وخل”، “فضائيات”، وغيرهما وقد أعزت الشراح حالة النجاح الغير مسبوقة لهذا الثنائي إلى ما وصفته بــــ “الكيمياء” التي تجمعهما معاً والتي قد يكون سببها مولدهما في ذات اليوم و انطلاقهما في نفس المجال “تقليد الفنانين” الذي تراه “فناً” قد لا يعترف به الكثيرون بسبب ما داخله مؤخراً من “خلط” أفسد حلاوته عند الجمهور.

 أما الدراما التلفزيونية فهي الحلبة الأرحب التي وصلت فيها انتصار الشراح لذروة التألق و الإبداع مما جعلها تسكن قلب كل أسرة عربية من المحيط إلى الخليج لما تقدمه من رسائل مجتمعية في شكل السهل الممتنع .

كان الظهور الأول للشراح تلفزيونياً محضاً عبر مسلسل “خرج ولم يعد ” ثم توالت بعد ذلك أعمالها على الشاشة ما بين تراجيديا اجتماعية و قوالب كوميدية و من أشهر أعمالها “الأسوار”  مع حياة الفهد وعائشة إبراهيم، و” في بيتنا غشنة” مع الفنان محمد العجيمي وفاطمة الحوسني.

وكذلك شاركت في مسلسلات منها “شر النفوس3”  ، “الملكة” ، “خادمة القوم” ، “الوداع” ، «جدران تبكي في الظلام» مع عدد من فناني الخليج منهم سعد الفرج، أحمد السلمان، شجون، فاطمة الصفي، ومن مصر نشوى مصطفى، هبة الدري، و مسلسل «ريال وست حريم» للكاتب ضيف الله زيد واخراج شيرويت عادل، وبطولة سعاد علي، ومحمد جابر، ومروة محمد، وأحمد العونان، اضافة الى مسلسل «خادمة القوم» مع هدى حسين، جاسم النبهان، عبد الامام عبدالله، حسن البلام، مها محمد، وخالد البريكي، وهو من تأليف الكاتبة وداد الكواري واخراج سلطان خسروه.

ومن اللافت قيام الفنانة انتصار الشراح بالتمثيل باللهجة المصريّة التي تتقنها لتُصبح من الفنانين الكويتيين القلائل الذي شاركوا في أعمال فنية خارج منطقة الخليج العربي فقد قامت “الشراح” من خلال مسلسل «كلثم وميسا»  بأداء دور  ’’معلمة ‘‘ في أحد الأحياء الشعبية المصرية يلجأ اليها أهل المنطقة لحل مشاكلهم. ويشاركها في بطولة المسلسل سعاد علي، أمل عباس، شهد وشهاب حاجيه، وهو قصة وسيناريو وحوار أيمن الحبيل وانتاج هيا الشعيبي واخراج حسين آبل.

بعيداً عن الفن

 

في حياتها الخاصة تُكرسّ الفنانة الكويتية انتصار الشراح وقتها لأسرتها الصغيرة بشكل كبير والتي تتكون من زوجها “مازن سالم ” وأبنائها “دلال” ، “سالم” ، “علي” كما تكفل ابنة أختها “بلقيس” منذ وفاة و الديها بينما تحظى حفيدتها الأولى “حصة ” باهتمام خاص من الشراح التي تقول عنها نسخة مصغرة من جدتها !!

مازالت الفنانة انتصار الشراح تقدم عروضها الفنية الناضجة متنقلة بين المسرح و التلفزيون كلما وجدت إلى ذلك سبيلاً حيث ترى أنه رغم مسيرتها العامرة بالأعمال المبهرة و الجيدة إلا أن هناك “طاقة مكبوتة” بداخلها تبحث عمن يفجرها في شكل المزيد و المزيد من الأدوار مما جعلها تستحق بحقٍ لقب نجمة الكوميديا الأولى .

أضف تعليق