الوزيرة السابقة الدكتورة معصومة المبارك كانت أستاذة علوم سياسية في جامعة الكويت وصنعت التاريخ عندما أصبحت أول وزيرة في تاريخ الكويت حيث أصبحت وزيرة للتخطيط ووزيرة دولة لشئون التنمية الإدارية سنة 2005 ،كما تعتبر أول نائبة فازت في انتخابات مجلس الأمة الكويتي 2009 حيث حصلت على المركز الأول في الدائرة الانتخابية الأولى ، وضفت بأنها امرأة حديدية لم تترك مجالاً من مجالات العمل العام في دولة الكويت إلا وتركت لها فيه بصمة مميزة ستتبعها أجيال و أجيال ،هي الشخصية الصلبة المعتدة بنفسها منذ الصغر و التي سألتها معلمتها في المرحلة المتوسطة عمن ترغب أن تكون مثله من بنات جيلها فقالت: “أنا معصومة ولا أريد أن أكون سوى معصومة “!!
هذه الثقة المتناهية في ذاتها مع إيمانها الكامل بقدراتها جعلها واحدة من رواد العمل الجامعي و التنفيذي و التشريعي في الكويت إذ تبوأت في كلٍ منصباً رسمياً تركت عليه ملامح فكرها وتوجهاتها وقناعتها .
ولدت النائبة الدكتورة معصومة صالح المبارك عام 1947 م لأسرة متوسطة الحال في منطقة الشرق، و تلقت تعليمها الحكومي في مدارس الكويت، فبدأت دراستها الابتدائية بمدرسة السيدة خديجة ثم مدرسة الوسطى المتوسطة، وانتقلت بعدها لمدرسة اليرموك ثم مدرسة الجزائر فمدرسة الخالدية الثانوية، وقد أتاح لها هذا التنقل بين عدة مدارس ثانوية تكوين العديد من الصداقات و شبكة من المعارف مع بنات جيلها مما جعلها ملمةً دائماً بما يدور في أذهان المرأة الكويتية و ما تطمح إليه نفوسهن و ما تعاني منه حياتهن.
كان لعائلة الوزيرة معصومة المبارك دورٌ هام في توجيه اهتماماتها نحو العلم والتعلم ولذلك تحرص “المبارك” على ذكر مالهم من فضل في تكوينها الثقافي و العلمي فتقول في أحد حواراتها :” رغم أن العائلة كانت متوسطة الحال من الناحية المادية إلا أنها كانت ثرية بالجانب التعليمي والعلمي، فحظيت اهتماما من الأهل في الجانب العلمي وهذا كان سبب اكمال مسيرتي العلمية، وكانت نعمة من رب العالمين ان أكون وسط هذه الأسرة التي تهتم بالعلم والمكتبة والكتب”.
التحقت الدكتورة معصومة المبارك عقب إنهاء دراستها الثانوية بجامعة الكويت حيث تزامن ذلك مع افتتاح قسم الاقتصاد والعلوم السياسية لأول مرة فأصرت على الدراسة فيه رغم معارضة العائلة التي رأت أن هذا التخصص بعيد عن طبيعة المرأة و أن الأقرب لبيئة العمل في دولة الكويت هو المجال التربوي الذي يؤهل لمهنة التدريس فيما بعد إلا أن السيدة معصومة أصرت على رأيها مهددة بالانقطاع عن التعليم بالكلية إذا لم يسمح لها بدراسة ما ترغب فيه وقد انصاعت الأسرة مرغمة لها .
يرجع اهتمام الدكتورة معصومة المبارك بدراسة العلوم السياسية إلى تأثرها بوالدها رجل الدين المُلا صالح المبارك الذي تصفه بأنه كان متفتحاً حريصاً على متابعة الأخبار عبر جهاز «الترانزستور»، حيث كان دائم التعليق على القضايا الدولية وكانت “معصومة” تشتبك معه بالنقاش و السؤال و الجواب .
حصلت الدكتورة معصومة المبارك على شهادتها الجامعية في العلوم السياسية من جامعة الكويت عام 1971 م ثم اعقبتها بدبلوم التخطيط من المعهد العربي للتخطيط في عام 1973م وذلك قبل أن تبدأ رحلتها الكبرى للحصول على درجتي الماجستير و الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي عام 1976 حصلت النائبة معصومة المبارك على درجة الماجستير من جامعة من جامعة شمال تكساس، ثم حصلت على الدكتوراه من جامعة دنفر في الفلسفة والعلاقات الدولية عام 1982،ثم عملت بنفس الجامعة كأستاذ زائر قبل أن تعود إلى الكويت في نفس العام لتدريس العلوم السياسية في جامعتها.
بدأت معصومة المبارك حياتها الوظيفية كموظفة في المجلس الأعلى للتخطيط وذلك قبل أن يتم اختيارها لتكون أول وزيرة تنفيذية في دولة الكويت وذلك عندما عينها الشيخ صباح الأحمد في يونيو 2005 كوزيرة للتخطيط ، وحينما أثبتت كفاءة كبيرة في التخطيط، تم الاستعانة بها كوزيرة للمواصلات في وزارة يوليو 2006، وفي تشكيل 2007 تم تعيينها وزيرة للصحة.
ورغم الأداء المتميز للوزيرة معصومة المبارك في العمل التنفيذي إلا أنها قدمت استقالتها من وزارة الصحة على خلفية حادثة حريق في إحدى المستشفيات لتضرب القدوة من نفسها في تحمل المسئولية السياسية .
لم يكن التخلي عن الحقيبة الوزارية في عام 2007م هو نهاية شوط العمل العام للسيدة معصومة المبارك إذ رأت أنه يمكن أن تستغل خبراتها التنفيذية التي تشكلت عبر العمل في عدة وزارات بالإضافة إلى خبراتها الأكاديمية في صياغة رؤية جديدة للبلاد عبر المجلس التشريعي ،فترشحت لعضوية مجلس النواب الكويتي في العام 2009 حيث كسرت بترشحها جميع القوالب الطائفية والقبلية وصوت لها جميع الشرائح لتحصل على المركز الأول في دائرتها دون الاعتماد على تكتل سياسي لتكون واحدة من أول أربع نائبات في مجلس الأمة الكويتي.