أحمد الطرابلسي الحارس الأمين لمرمى منتخب الكويت

قليلون هم الأشخاص الذين تجتمع فيهم موهبتين فذتين في آن واحد، وقليل منهم من يستطيع تحقيق النجاح والشهرة في مجالين بعيدين كل البعد عن بعضهما، فأن يجمع انسان بين تلاوة القرآن وتجويده بصوت يبكي سامعه ويكون في نفس الوقت من بين أفضل حراس المرمى في العالم في رياضة كرة القدم فهذا إنجاز نادرا ما يحصل.

أحمد الطرابلسي هو نجم سطع وتألّق في رياضة كرة القدم من جهة وفي قراءة القرآن من جهة أخرى، إنه الحارس الأمين لمرمى منتخب الكويت خلال العصر الذهبي للكرة المستديرة الكويتية والقارئ الشيخ ذو الصوت الخشوع .

أحمد الطرابلسي حارس مرمى منخب الكويت
أحمد الطرابلسي حارس مرمى منخب الكويت

بداية أحمد الطرابلسي في بيروت

 

هو أحمد خضر الطرابلسي ولد بتاريخ 18 مارس 1947 في مدينة بيروت بلبنان، وينحدر من عائلة رياضية كبيرة فأبوه كان بطل لبنان في رفع الأثقال خلال 12 سنة (من سنة 1944 الى سنة 1955)وهو أول ربّاع استطاع رفع مائة كلغ بإستخدام طريقة الخطف، وأخوه هو الرباع اللبناني بطل العالم محمد خضر الطرابلسي رحمه الله، وخاله زكريا شهاب البطل الأولمبي في المصارعة الرومانية و المصارع العربي الوحيد الذي تمكن من نيل الميدالية الفضية في دورة هلسنكي عام 1952.

أحمد هو أكبر إخوته الذكور، ولد في منطقة النويري في مدينة بيروت، ووالده خضر صاحب الألقاب الوطنية اللبنانية في رفع الأثقال ربى أولاده على حب الرياضة فكان يشجعهم على ممارسة رياضة رفع الأثقال منذ صغرهم وخصّص لهم بعض الأوزان المناسبة لسنهم الصغير أمام باب منزلهم يتمرنون على حملها يوميا تحت إشرافه، كما كان يصطحبهم إلى تدريباته في نادي الشبيبة، وكان الإخوة الثلاثة يمارسون أيضا كرة القدم إلى جانب رفع الأثقال.

بداية أحمد الطرابلسي كانت مع فريق مدرسة المزرعة الرسمية كحارس للمرمى وهو المنصب الذي أحبه منذ صغره مقتادا بخاله زكريا شهاب المصارع الدولي وحارس مرمى نادي النجمة، وحين بلوغه سن الثالثة عشر أخذه خاله لمدرب النجمة “يوسف يموت” الذي أعجب بإمكانياته الكبيرة وعيّنه حارسا لمرمى الفريق الثاني وهناك تعلّم الكثير من المهارات والتقنيات الخاصة بحراسة المرمى.

إنتقال أحمد الطرابلسي إلى الكويت

موهبة أحمد الطرابلسي وتميّزه ظهرا بسرعة كبيرة على المستوى المحلي، وتنبأ له أهل الإختصاص بمستقبل واعد وكتبت عنه احدى الصحف ببيروت، ما جعل خاله الذي كان يعمل في مجال الرياضة في الكويت يستدعيه للإحتراف بالكويت خصوصا إبّان الفترة العصيبة والظروف الغير مستقرة التي كانت تمر بها لبنان، وسافر أحمد عام 1963 وانضم لصفوف نادي القادسية النادي الذي لعب في صفوفه معظم نجوم المنتخب الكويتي في العصر الذهبي، وسجل في مدرسة الشامية المتوسطة بالكويت أين لعب في فريقها لكرة القدم وفي منتخب مدارس الكويت أيضا ، وانضم أحمد الطرابلسي أيضا إلى السلك العسكري وتدرج في الرتب لحين ترقيته إلى رتبة عقيد قبل أن يتقاعد .

لعب أحمد الطرابلسي لصالح نادي القادسية موسما واحدا فقط لينتقل بعدها إلى نادي الكويت، النادي الذي استقر معه إلى يوم اعتزاله، ونال مع هذا النادي لقب الدوري الكويتي لعام 1965.

بعد أربعة سنوات منذ حلوله بالكويت حاول قائد فريق الراسينغ اللبناني جوزيف أبو مراد إقناع أحمد الطرابلسي للعودة إلى الملاعب اللبنانية لكن الطرابلسي اعتذر عن ذلك بعد شعوره بالإستقرار في الكويت وتأقلمه الكبير فيها.

قدم أحمد الطرابلسي مجهودات طيبة ساعدته على تمسك الكويتيين به وتحصل على الجنسية الكويتية عام 1974 قبل انطلاقة فعاليات كأس الخليج في دورتها الثالثة، وهذا بفضل ولي العهد في تلك الحقبة الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح الذي كان يتابع الرياضة ويشجع ممارسيها وأبطالها ممن رفعوا التحدي عاليا في سماء مختلف البطولات العربية والعالمية ولاسيما كرة القدم محبوبة الجماهير.

أحمد الطرابلسي مع منتخب الكويت الوطني
أحمد الطرابلسي مع منتخب الكويت الوطني

مسيرة أحمد الطرابلسي مع منتخب الكويت الوطني

نال أحمد الطرابلسي اللقب في كأس الخليج مع منتخب الكويت ثلاث مرات، في الرياض عام 1972، ثم في الدورة الثالثة التي أقيمت على أرض الكويت عام 1974 والتي تمكّن فيها أحمد من الحفاظ على شباكه فارغة ونظيفة ولقّب بعدها بصاحب الشباك العذراء والحارس الأمين، وآخر كأس نالها مع رفقائه كانت في قطر عام 1976 ، كما تألّق بشكل لافت في بطولة كأس الأمير موسم 1973/1974 وحصل على لقب أفضل حارس مرمى في البطولة.

في الألعاب الأولمبية التي احتضنتها مدينة موسكو عام 1980، أين احتل المنتخب الأزرق المركز الرابع، ظهر أحمد الطرابلسي بوجه مشرّف وخاض مباريات بمستوى متميّز جعله يفوز بلقب أحسن حارس مرمى منتزعا اللقب من عمالقة الإختصاص، وأجمل مباراة خاضها في هذا الأولمبياد كانت مباراة منتخب الكويت أمام منتخب الإتحاد السوفياتي، والتي أجريت خلال شهر رمضان الفضيل، ولم يمنع الصيام الحارس العملاق من تقديم أفضل ما لديه حيث تمكن من إنقاذ مرماه من عدة أهداف رغم انهزام المنتخب الأزرق بنتيجة هدف مقابل هدفين لصالح السوفياتيين، وقد قدم له الحارس المتميز في صفوف المنتخب السوفياتي ليف ياشين قفازاته إعجابا وتقديرا لمهاراته الكبيرة والمستوى الطيب الذي قدمه خلال الدورة.

ساهم أحمد كثيرا في خطف تأشيرة تأهل المنتخب الكويتي إلى كأس العالم بإسبانيا عام 1982 إلى جانب مجموعة من خيرة اللاعبين الكويتيين في العصر الذهبي أمثال جاسم يعقوب، فتحي كميل، فيصل الدخيل، سعد الحوطي، وعبد العزيز العنبري، ورغم خروجهم المبكر من المنافسة التي خاضوها ضمن المجموعة التي ضمت منتخبات فرنسا، انجلترا وتشيكوسلوفاكيا، اختير الحارس العملاق أحمد الطرابلسي من بين أفضل سبعة حراس مرمى في المونديال وهو إنجاز كبير لهذا البطل.

ومن إنجازات أحمد الطرابلسي إيضا إحرازه عام 1982 مع المنتخب العسكري الكويتي لقب بطولة العالم بعد فوزهم على المنتخب البلجيكي بنتيجة هدفين نظيفين ، وخلال مشواره الطويل لقب الطرابلسي بكثير من الألقاب منها الحارس الأمين، الحارس العملاق وشيخ الحراس.

نهاية مسيرة أحمد الطرابلسي الكروية

 

اعتزل الحارس العملاق اللعب عام 1983، ولم يغادر الميادين بل توجه إلى عالم التدريب وتولى تدريب حراس المرمى في المنتخب الوطني، وتخرج على يده نخبة مميّزة من حراس المرمى أمثال نواف الخالدي والذي كان يعتبر من أفضل الحراس في الخليج، وأيضا الحارس شهاب كنكوني وآخرين ، ولكنه توقف عن ذلك وإبتعد عن عالم التدريب وكرة القدم نهائيا في عام 1995 لإصابته في العمود الفقري وسفره إلى لندن ثم إلى ألمانيا للعلاج.

القاريء أحمد الطرابلسي
القاريء أحمد الطرابلسي

القارئ الشيخ أحمد الطرابلسي

 

تلاوة القرآن كانت من الهوايات المفضلة لأحمد الطرابلسي، فقد كان يقلّد الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في ذلك منذ كان في سن السادسة، وتعلم قواعد التلاوة والتجويد على يد الشيخ أبو علي الحلبي، وبعد انتقاله للكويت والإستقرار بها انتسب إلى معهد دار القرآن الكريم التابع لوزارة الأوقاف في الكويت عام 1971 وتعلم فيه أصول الترتيل والحفظ بالطرق الصحيحة وختم المصحف الشريف، شارك في عدة مسابقات لتلاوة القرآن، واحتل المرتبة الأولى عام 1986 في المسابقة التي أقيمت بماليزيا والتي شارك فيها قارئون من 23 دولة، كما شارك في المسابقة الدولية لتجويد القرآن التي أقيمت ببنغلادش عام 1995 ، ويعتبر الطرابلسي هو أول كويتي يسجل القرآن الكريم بصوته عام 1992، وكان رئيس لجنة التحكيم فى مسابقة جائزة الكويت الدولية للتلاوة والتجويد عام 2010.

أضف تعليق